الثراء في اللون والملمس في أعمال حميد العطار

صبحي الشاروني

ناقد فني – جريدة المساء

ان حميد العطار صاحب ” شهية” عظيمة للرسم, فهو لايكف عنه ابدا, واذا رسم فهو يستغرق في عمله اسغراقا تاما لساعات وايام وكأنه سكر ونحى جانبا عقله ((الواعي)) وانغمس في عمله بكل حواسه ((متلذذا)) بما يفعل وكأنه يمارس الحب.

فالانتاج الفني عنده يبدأ بالقراءة والمناقشة اي من الحياة التي يمارسها بوعيه الكامل.. وعندما يمتلىء اقتناعا بما عرف يشتعل حماسه الى ضرورة التعبير عن هذه المعرفة بوسيلته التعبيرية وهي الرسم.

ولكنه يكتشف ان الالوان وحدها لاتكفي, والمساحة المسطحة قاصرة عن احتواء وابراز ما اعتمل في داخله من انفعالات تندفع لتبرز في عمل فني فتكبر مساحات لوحاته ويرتفع فوقها بناء من النحت البارز الذي ربما ينتمي الى المنحوتات الجدارية القديمة المتهرئة والمتكاملة بفعل الزمن.

وما ان يبدأ الفنان عمله, في معالجة السطح بالعجائن والالوان, حتى تبرز الطبيعة الذاتية للميدان الذي يخوضه وتطغى هذه الكطبيعة الخاصة عن كل ماعداها, ويختل التوازن بين المشخص والمجرد لتصبح الكلمة العليا للمجرد برحابنه واتساعه وما يحققه من امتاع للفنان اثناء عملية الخلق الفني .. وتسيطر لغة الشكل التي تختلف اجروميتها عن لغات التخاطب وتظل عين المتذوق في سياحتها – او سباحتها –  عبر الصورة ومن خلالها, حتى تشبع العين او تتشبع. وتتحقق الفرحة بالعمل الفني عندما يفصح عن اسراره الجمالية ويحقق الاثر العميق الذي لاينسى.

ان شهوتي التلوين واللمس تطغيان على كل الشهوات الاخرى عند حميد العطار, فهو كلما قصد ان يضع لونا معينا و هو في كامل وعيه الفني. لم يلبث ان يتحول بين يديه وخلال انغماسه التام في العمل الى لون غريب يتضمن مجموعة من الالوان المتعانقة والمتداخلة, ولها شفافيتها. ما معنى كل هذا؟

ببساطة, ان مايقدمه حميد العطار هو محاولة ناجحة لتحقيق اغنى احساس لوني تطرب له العين وأغنى ملمس تطرب له له حاسة اللمس. عن طريق الرؤية أيضا فهو يمتع حاستين في وقت واحد ثم تنشر المتعة الى بقية الحواس.