لوحاته على صعيد المضمون هي الشهادة والاحتجاج امام ضمير العصر في أن. هتك للاستار التي تحجب بشاعة الواقع ونبوءة العراف الى أمته, تجسيد لفداحة المأساة وبشارة بالخلاص في آن واحد. وعلى صعيد الشكل هي جمع حميم بين ثراء الاصيل وانطلاقة المعاصر, بين خبرات واعية بالتراث والمام ذكي بالمعاصر, و اضافة متفردة الى هذا وذاك.
وفي التحام الشكل بالمضمون تقدم هذه اللوحات المثل والمثال.
الحلاج ليس هو شهيد عصره الثوري فحسب ولكنه ايضا انسان عصرنا يصرخ من اجل خلاصه فيتردد صدى وجع صراخه في اللوحات من قلب الحلاج. وجلجامش ليس هو الباحث القديم عن الخلود ولكنه ايضا انسان هذا العصر في صراعه من اجل البقاء. وهنا يمتزج الواقع بالخيال, وتلتحم الاسطورة بالحقيقة, ويتوحد الملموس بالمجرد, ويتجاوز الفن نطاق المحدود الى المطلق حين يصحو الماضي حيا على أول نداء من الحاضر ليبشران معا بالمستقبل من خلال خبرة الفنان الواعية بالموروث التاريخي واسقاط دلالاته على الهموم الراهنة. وعندما يسقط الزمن مابين الماضي والمستقبل يكون الفنان قد لمس الجوهر الانسانس الباقي. على ان بحث حميد العطار عن رموزه في التراث القديم لايلزمه بأنماطه. كما انه في تطلعه الى التعبير في حرية الانسان على صعيد المضمون يتحرر أيضا في الأسس والاصول التقليدية والمدرسية, وتجعل له اسلوبه المتفرد الذي يضرب بجذوره في القديم ليحقق الاصالة ويتجاوز الحديث ليحقق المعاصرة, وفي ظل هذا الاسلوب الجديد تأخذ الايقاعات اللونية البوليكروماتية بايقاعات الموسيقى البوليفية وتنداح الفراق بين الفنون في عمق اللوحة التي تجمع بين جلال الموسيقى وعظمة التشكيل, وثراء الشعر, ودينامية الحوار ورهافة الحس في لوحات حميد العطار كبرياء وشموخ عجيبين وهي في وعيها لمسئولية الفنان الملتزم, وهي في جمعها بين الاصالة والمعاصرة وفي تطويعها الشكل لخدمة المضمون, وفي التحام حميم تضع بحق أمامنا المثل والمثال.