حميد العطار………يتقن معادلة الفرح

محمود علي السعيد

ناقد عربي

في وجه المقصلة التي أسقطت رأس الحسين فانفجرت أسطوانات الدم الكربلائي. و قشرت برتقالة جسد الحلاج الكوني فأنبرى العصيان .و قصفت أغصان الفدائي الفلسطيني الأول – السيد المسيح-فضج الصليب وأج الموقد – ينتفض الفنان المقبض و السيف و الموقف “
حميد العطار ينقش بالريشة و الأزميل ثورة القرامطة على صخرة الموقف و إضاءات القضية على جدران الغسق و صهيل الجذور في بطن الأرض. يتنقل كالرحالة الغجري في قطار العراق ” الحلم ” يفتش عن لقمة نظيفة موطئ قدم ومضرب خيمة فتصفق الحجارة وتكبر الدمعة وتحصل الأسطورة. يشد عقرب الفصول الى رقعة البصرة ” أم الربيعين ” فيجأر الصليب وتعطل الجثث وتقشعر الأوراق. فيعود من جديد كطائر الفينيق يقراء قصيدة الانبعاث فتنبري القبلة الفنية المتيمة تدق جسم اللوحة و الأسطوانة المتخمة بالجراح تنشد للوطن و القضية.
بهياج مضموني يتحرك قطار الترميز في أعماله المعجزة عبر محطات التعبيرية برشقاتها المبطنة بالمغنطة و الاسقاط و التجريدية بتخليصها وتكثيفها لمجمل المعطيات مجسدا من خلال تزاوجه مع الشكل برونقه الخاطف أجمل علاقة جدل تصب في محرق الأنسان.
يؤسلب عبر نحته الملون النافر تشكيلة الجمال بوساطة توليف جملة من العناصر و المفردات مرصوفة بإتقان وأنضباط على منصة العمل بأشكالها و مصادرها و ألوانها فتقراء في عمله الرائع الاحتلال و الغد الآتي طاقة من الكتل الجصية بكتل من “رؤوس” نتقاسم أديم الانجاز بتوزيع مدهش فيه من التوازن الكتلوي الماثل على سطح خشبي و قد تقاسمته كوكبة من التفرعات الخطية الرقراقة.
يتوسطها جذع ادمي متخم بالصلف و الاعتداد و الشموخ الجداري بالبناته المتماسكة المقروئة بيسر حتى بعدسة الذائقة البصرية العادية و قد تعانقت فيه وشيعة لونية تتوسط بين الأحمر الترابي و الأصفر و الأزرق تجسد جملة هذه المتوضعات نصف العمل السفلي ” المقدمة” بتشخيص محور ينتقل فجأة الى سديم هلامي مجرد وقد صبغته طينة لونية تتأرجح بي الأسود و الأخضر الكامل مع بعض الرشقات اللونية الزرقاء استقراءا بلبنة لونية مؤطرة تتصدر الخلفية وقد تقاسمها الأزرق و الأصفر المضاء و رأس ترنو بغطرسة إلى المستقبل ليحقق أجمل علائق الربط الكتلوية اللونية ما بين الأنسان و الأرض ” الجسد” وأما في ” إضاءات الموت ” فتقراء لعبة التداخل الماهرة بجملة من السطوح ” المربع_ المستطيل ” العاجة بالعناصر الكتلوية الموجبة و هي تشاغل العناصر الكتلوية السالبة و انتفاضة الخمائر اللونية بتضاريسها الصخرية المعرقة. وقد أينعت في محرق الدمج بين جسد الأرض و جسد الأنسان.
تقراء في فقراته الكتلوية المتكدسة أشتجار إيقاعات الأضائة و الظل و التشكيل الملتهبة و انسجامها. عبر سلطنة لونية و هاجة تراقصها بتدفق و حيوية تفجرات خطية تبلور مجتمعة روعة السطوح بملمسها الصقيل و الخشن وهي تفصح عن معمار فني له بصماته الخاصة وعبقه المتفرد.
يتفرد بحلة التناسق لعلائق الداخل و الخارج مجسدا المقصد الأيديولوجي و المرمى الفكري عبر قيمه التشكيلية وتقنياته المعاصرة واجتهاداته التجريبية ” توليف و دمج جملة من العناصر و الطرائق الفنية” و توظيفها توظيفا ينبع من الأصالة و الحضارة و الموقف.

ثم إن الفن فوق ذلك ليس استخداما لطرائق وتطبيقا لقواعد أعتباطية فلمدارس قد تكون مفيدة للفنانين الذين لا شخصية لهم كي ترد عنهم الشبهه اما الفنانون الكبار و هم عل كل حال قلة فأنهم فوق القواعد…
أندرية ريشار “