رموز حميد العطار في التراث القديم لايلزمه بأنماطه

د. عبد المنعم تليمة

استاذ علم الجمال / كلية الآداب – جامعة القاهرة

الفن ادراك جمالي للواقع, والعمل الفني تشكيل جمالي لموقف من هذا الواقع, اقتدار الفنان انما يتبدى من تمكنه التشكيلي: طاقاته وقدراته, وعيه وبامكانات ادواته, استيعابه لموروث جماعته التكنيكي ومسئولية الفنان انما تتبدى في جهاده من أجل ان يكون عمله وعاء حافظا لجذور جماعته في التاريخ ولخبرتها الانسانية ولعوامل تقدمهت الحضاري والاجتماعي.

في اعمال الفنان العراقي حميد العطار يسطع الأمران معا:

يصارع اللون – مستندا الى التراث العراقي القديم والشعبي والتراث الاسلامي والعربي.

ليصوغ الجذر التاريخي للجماعة. وليصل الى خصائص متفردة لعمله. انه يبدأ – في عدد كبير من اعماه – بالساطع الأبيضثم يميل به الى القاتم المعتم. لكن خيط النور ( في الغالب: اللون الازرق) لايتوارى أبدا.

وهو يجعل الانسان مركز الخبرة التاريخية للجماعة: يبرز طموحه, ويستلهم صموده الملحمي في النهوض ضد قوانين القهر و هنا تلتحم دلالة الخبرة التاريخية الموروثة بالهموم الراهنة – يجد حميد العطار كنوزا ثرة في ملحمة جلجامش – بخاصة الطوفان – وتتحول لديه ( السفينة) في ذاك العمل القديم الى ( الثورة) في عمله المعاصر ويقع في سيرة ( الحلاج) على ( الفدائي الفلسطيني) اذا ينتفض الانسان لمنازلة القهر رغم معاناته النبيلة.

ان ناقد الفن يقف من أعمال حميد العطار عند مثال للفنان العربي ذي الجهد التشكيلي الواعي والموقف المسئول.